أعداء الربيع العربي

قد لا يصدق كثير من الشباب العربي ان خصمهم ليس خصم هين ،

وأنه أكثر من مجرد نظام مستبد هنا أو هناك.

 

بعض هؤلاء الشباب يقاوم ويناضل ولا يشغل نفسه سوى بتطوير أدوات نضاله لجلب الكرامة الانسانية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية دون اهتمام بحجم التحديات وكم الاعداء الذين يحاربون حلمه.

 

وبعض الشباب الاخر ،بدأ يتململ وتتراوح مواقفه بين الاحباط والغضب ونفاذ الصبر ، متصورا أن تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في العالم العربي أمرا سهلا عقب ثورات ، دون أن ينتبه إلى ان هذا الجزء من العالم “العالم العربي”وهذا الجزء تحديدا ، بحاجة لجهود مضاعفة ونضال أشد ، نظرا لبعض الخصائص التي تركزت بهذه المنطقة ، والتي أسفرت خصومه شديدة وحساسية ضد الديمقراطية !.

 

وقد يكون من المفيد أن نشير لهذا القطاع  من الشباب إلى طبيعة العدو – أو الاعداء- الذي يقاوم ويعادي ثورته ، ليعلم عظمة وحقيقة الثورة التي يصنعها.

 

–         الثروة النفطية وتركزها بيد أنظمة قبلية.

–         اسرائيل.

–         الاسلام الوهابي.

 

هل يمكنك أن تتذكر ولو مثال واحد أو تجربة واحدة ديمقراطية دعمتها السعودية؟ صعب ، بل مستحيل ، ولكنك ستجد عشرات الامثلة لتجارب وخبرات عمل النظام السعودي الوهابي على وأدها وقمعها ، أخرها العداء لثورة تونس ومصر ، وتدخلها المباشر لقمع الثورة في البحرين وكبحها في اليمن ، وكلما أوغلت في التاريخ سوف تفاجئ بدورها لتكريس القمع مثل دورها المعادي للثورة الاندونيسية ، واذا اوغلت اكثر سوف تكتشف انها كانت ضمن 8دول فقط في العالم صوتت ضد الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948.

 

وأن تكون صاحب ثروة نفطية وسوقا واسعة لتصريف المنتجات ، فمن الافضل ان تظل متخلفا ومستقرا ، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي ، ليسهل استغلالك ويضمن بقائك في خدمة مصالح مستهلك النفط ومنتج السلع، ولتذهب الديمقراطية الى الجحيم لآنها ستعرقل هذه المصالح !

 

قد يكون هذا هو المنطق الذي يحكم تعامل الولايات المتحدة مع الحكومات العربية ، والخليجية خاصة ، لذلك ومع كل تقدم شعبي أو نضال شعبي لكسر هذا النمط ، زاد دعم  الولايات المتحدة للحكومات العربية ، وقصر نظرها عن انتهاكاتها ، وخفت صوتها الكاذب بضرورة احترام حقوق  الانسان .

 

ومن رعاية واضحة لنظام بن على في تونس ، ومبارك في مصر وآل سعود ،إلى زرع وتربية ورعاية اسرائيل ، التي تمثل الحليف الانسب ليلعب هذا الدور : نمنحكم وطنا قوميا في فلسطين ، وتحافظون على مصالحنا بتعطيل وواد اي تهديد لهذه المصالح. لحد التدخل المباشر والصريح لإجهاض أي فرصة للتطور والنمو سواء الاقتصادي أو السياسي ،

 

وهكذا تتلاقي مصالح وإرادة امريكا والسعودية واسرائيل ، على أرض الواقع ، وإن حملت المواقف الاعلامية والعلنية شعارات وتصريحات براقة عن الديمقراطية وحقوق الانسان ، وخصوصية الحكم الاسلامي في السعودية ، او حق اسرائيل في الاستقرار ومن ثم توجيه ضربات اجهاضية لمن يهدد حقها!

 

لذلك  فقد تقاربت وتشابهت مواقف الحكومات الثلاثة من  الثورات العربية ، سواء مناهضة بعضها للاسباب السابقة ، او دعم بعضها وإن اختلفت الاسباب “ليبيا وسوريا”.

وفي سوريا ، فالجانب الطائفي البغيض في الاسلام الوهابي يطل بوجهه في مواجهة نظام ، ليس لأنه مستبد ، بل لأنه علوي شيعي مدعوم من الخصم الطائفي للسعودية وهو ايران.

 

وعلى الرغم من التناقض الظاهري بين موقف السعودية وايران لاسيما من الثورة في البحرين أو سوريا ” حيث قمعت السعودية بشكل عسكري مباشر ثورة البحرين ، وتساهم ايران بشكل مباشر في قمع ثورة سوريا”.

 

لا يمكن الحديث عن دعم سعودي أو ايراني لثورة ما باعتباره انحياز لديمقراطية أو لحق شعب في الحصول على حرياته ،بل تدعم كل منهما الثورة اذا كانت ترسخ لمفهومها حول الدولة ، للطائفية!

 

السعودية ، أمريكا ، اسرائيل ،ايران.

 

هؤلاء هم الأشد خصوما وعداء للثورات العربية ، هؤلاء من يقاومهم الشباب العربي.

قد يكون ثوار البحرين هم الاقرب لفهم هذه الرؤية، لكن عقب خبرة أليمة ، ولا ضرورة أن ندفع نفس الثمن لنعلم هذه الحقيقة.

 

جمال عيد

=================

النسخة العربية للمقال المنشور في جريدة الدايلي نيوز ايجيبت في 24ديسمبر 2012

http://dailynewsegypt.com/2012/12/24/from-the-other-side-10/

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *