جمال عيد: على البحرينيين أن يفتخروا بنشطائهم الحقوقيين
مرآة البحرين: جمال عيد محامي ومدير للشبكة العربية لحقوق الإنسان،
وهي منظمة إقليمية تتخذ من القاهرة مقراً لها، وتُعنى بالاهتمام بالدفاع حرية الرأي والتعبير في العالم العربي، وتلاحق انتهاكات حقوق الإنسان في هذه الدول.
في لقاءٍ خاص على هامش المؤتمر الدولي لدعم الديقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، الذي نظمه منتدى البحرين لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي في العاصمة اللبنانية بيروت، يؤكد الناشط المصري في مجال حقوق الانسان جمال عيد أنها ليست المرة التي يُشارك بها في مؤتمر حقوقي يتطرق إلى جملة الانتهاكات التي ترتكبها السلطات البحرينية، مشيراً أنه تم تنظيم فعاليات في القاهرة حول عدد من الانتهاكات في دول عربية عدة أبرزها البحرين، التي تحظى بحيّز كبير من اهتمامته.
كيف يتفاعل الشارع المصري اليوم مع قضية البحرين وما يحدث فيها من انتهاكات تمس حقوق الانسان؟
مشكلة البحرين أنها ضحية الاعلام العربي الذي تسيطر عليه المملكة العربية السعودية بدرجة كبيرة، فهناك ما نسبته 34% من الاعلام العربي خاضع للسيطرة السعودية المباشرة، وإضافة إلى ذلك فإن القضية البحرينية ضحية مساعي تطييف الحراك الشعبي وإبرازه على أنه ثورة شعبية شيعية مرتبطة بأجندة خارجية، وهنا لا ننكر أن هذه المساعي نجحت إلى حد ما في إضفاء صورة ملتبسة عن حقيقة ما يجري هناك.
نحن نرى أن الناس متعطشة للمعلومات الحقيقية، ففي البحرين ثورة وشعب يطمح للحرية والديمقراطية كما كل الشعوب، ويناضل بسلمية، وهو يُقمع ليس فقط من حكومته بل من جيش خارجي. والناس خارج البحرين هي اليوم بحاجة إلى معلومات صادقة، لتتضح أمامهم الصورة.. ونحن موقنون أن الشعوب في النهاية تنحاز لبعضها.
هناك ناشطون حقوقيون بحرينيون منعوا من دخول الأراضي المصرية، وانتم اليوم ناشطون مصريون تتعاطون في الشأن البحريني ألا تتعرضون لعرقلة من قبل جهات رسمية؟
الواضح أن الحكومة المصرية مازالت تمارس إلى حد كبير السياسات نفسها التي اعتمدها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، فهي ترحب بالطغاة وتعرقل دخول النشطاء كنبيل رجب ومريم الخواجة ومحمد المسقطي، لذا فإن الحال لم يختلف كثيراً عن سابق عهده، ونحن ممن يعتقد أن الثورة في مصر لم تنجح تماماً، وهناك محاولات وجهود لازالت تُبذل من أجل إنجاحها.
أمام هذا المشهد، نرى اليوم أن من واجبنا أن نفضح ما تُقدم عليه الحكومة المصرية التي قد تختلف شكلاً لا مضموناً عن النظام السابق. والحال في مصر مشابه تماماً لما تشهده باقي الدول العربية، فنحن لا نستغرب منع دخول النشطاء لمصر، لأنني على سبيل المثال ممنوع من دخول السعودية والبحرين والأردن والإمارات، وهناك نشطاء عرب كثُر وضعت عليهم علامة حمراء لدخول دول عربية عدة. وهذا الأمر لا نستغربه لأننا وجدنا أن هناك قاعد ثابتة وهي أن أبواب الحكومات الواسعة تفتح للطغاة، فيما تتم عرقلة دخول المواطنين والنشطاء.
كيف تقيّمون موقف حزب الحرية والعدالة مما تشهده البحرين من أحداث، خاصة وأن هذا الحزب وصل إلى السلطة نتيجة الثورة الشعبية التي شهدتها مصر؟ وما هي خلفيات الموقف الرسمي المصري من النضال السلمي في البحرين؟
علينا أن نكرر كما في كل مرة، أن مواقف الحكومة التابعة لحزب الحرية والعدالة لا تمثلنا و لا تعبر عن توجهاتنا وقناعاتنا، بل نحن نشعر بالخزي والعار عندما تُفتح أبواب مصر للطغاة وكل من عليه علامات استفهام في انتهاك حقوق الانسان أو استعباد شعبه.
أما عن خلفيات الموقف الرسمي لمصر فهي متشابكة، فهو في جزء منه يسعى إلى طمأنة دول الخليج التي تخشى أن يتكرر ما شهدته مصر وتونس من ثورات وانتفاضات شعبية في ممالكها وإماراتها، وفي جزء آخر هو ارتباك وضياع يعيشه حزب الحرية والعدالة لأنه إلى الآن لم يستوعب حقيقة وصوله إلى الحكم، وبعيداً عن هذين السببين هناك جزء مرتبط بالخلفية الدينية. ونحن نعتقد أن أي حكم يتأسس على خلفية دينية سيكون مستبداً، ولذلك فإن الحكومة المصرية كما السعودية، حتى وإن اختلفت في الشكل، لكنها في جوهرها تبقى حكومات وأنظمة دينية مستبدة.
ذكرتم في مداخلتكم على هامش المؤتمر أن البعض أساء للثورة البحرينية من خلال التعاطي معها على أنها ثورة طائفية، وتحمّل المعارضة البحرينية النظام مسؤولية ذلك وتعتبر أن الإعلام الرسمي ساهم إلى حد كبير في تطييف الحراك وتشويه أهدافه، فهل تعتقد أن الموقف الرسمي المصري أتى متأثراً بالصورة التي قدمها الاعلام الرسمي البحريني؟
تقديري أنه إلى جانب المساعي المصرية لعدم إغضاب أو استفزاز أنظمة الخليج، هم لا يمكنهم أن يتصوروا أو أن يتقبلوا أن الديمقراطية لا يمكن أن تستثني الشيعة وغيرهم، ومعروف أن البحرين في تركيبتها الديمغرافية أغلب شعبها من الطائفة الشيعية. فإن ينهض الشعب بغالبيته وينتفض للمطالبة بالديمقراطية والحرية هذا لا يعني أن الثورة في البحرين شيعية. فالديمقراطية تعني القبول بالتعددية، وبالتالي فهي لا تستثني أحداً. لذا فإننا نرى أن الموقف المصري يأتي متشابكاً، فهو ما بين ارتباك وما بين استناد إلى مواقف سياسية بُنيت على خلفيات دينية.
كناشط وفاعل في المجال الحقوقي، كيف تقيّمون العمل الحقوقي البحرين؟
نحن اليوم نتلمس بعضاً من نتائج العمل الحقوقي البحريني يُضاف إلى سجل الانجازات التي ناضل من أجلها الحقوقيون البحرينيون ومازالوا.. فبعد فضح انتهاكات النظام البحريني في محافل دولية وتسجيل ما يزيد عن 176 توصية بحق النظام البحريني في جنيف، اليوم استطاع النشاط الحقوقي في البحرين أن يجمع هذه الوفود الدولية العربية منها والأوربية لتسجيل موقف متضامن مع الشعب ورافض للطغيان المتمادي في البحرين.
في الحقيقة، نحن نعتبر أن البحرين كما المغرب دول يجب أن يكون شعبهما فخور بنشطائهم الحقوقيين الذين لم يترجعوا منذ سنين، صامدون يقدمون نموذجاً هاماً ولامعاً لنشطاء كثر في العالم. وهناك خصوصية في البحرينيين والمغاربة، وهي الثبات والصمود والإصرار على متابعة القضية، مهما كثرت التضحيات. وفي الحالة البحرينية، نحن نكرر أن السجناء في معاقل النظام هم أحرار أكثر من جلاديهم؛ سواء أكان نبيل رجب أم عبد الهادي الخواجة أو عبد الجليل السنكيس، الذين رغم كل المعاناة في سجون النظام المظلمة ثابتون على مواقفهم ويشحذون همم الآخرين.
بعد مرور عام على صدور توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق الملكية أو ما يُعرف بـ “تقرير بسيوني”، كيف تنظرون إلى تعاطي السلطات البحرينية مع هذه التوصيات، خصوصاً وأن البعض اعتبر أن على السلطات البحرينية أن تبذل مزيداً من الجهود لتنفيذ التوصيات، فيما تؤكد أطراف أخرى أن النظام البحريني تعاطى مع التوصيات بلامبالة تامة؟
مرّ عام على صدور تقرير بسيوني، إلا أن سلوك النظام البحريني تجاه شعبه لم يختلف عن السابق، فلا أعلم أي جهود بُذلت حتى ندعو إلى المزيد.
إننا نرى أن النظام البحريني فقد مصداقيته بشكل تام بعد أن سمح بلجنة شكلها الملك البحريني نفسه، وكان يتصوّر أن هذه اللجنة ستكون تحت رهنه وإشارته. يكفي أن نقول لأي مواطن – حتى ولو لم يملك أي خلفية حقوقية- أن النظام قبِل بلجنة لكنه غض النظر عن توصياتها، ليقتنع تماماً أننا نتحدث عن نظام فاقدٍ للمصداقية.
نقلا عن موقع مرآة البحرين
http://bhmirror.no-ip.org/article.php?id=7156&cid=82