بشأن طلب الإفادة بالرأى حول معاملة المحبوس احتياطياً فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن الطوارئ.
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 4/ 1583
جلسة 7 من مارس 2007
السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 4171 + 2م المؤرخ 6/ 11/ 2006 بشأن طلب الإفادة بالرأى حول معاملة المحبوس احتياطياً فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن الطوارئ.
وحاصل الواقعات ـ حيبما يبين من كتابكم المشار إلية ـ أنه قد تم إعداد دراسة مشتركة بين الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة والجهاز المركزى للمحاسبات أسفر عن عدة تساؤلات أولها:ـ مدى اعتبار المعتقل فى حكم المحبوس احتياطياً ومعاملته على هذا الأساس وفقاً لنص المادة (84) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة. ثانياً: ـ نطاق سريان حكم المادة 3 مكرر من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ والتى أوجبت معاملة المعتقل معاملة المحبوس احتياطياً، وهل يستفيد منها المعتقل سواء كان الاعتقال سياسياً أو جنائياً. ثالثاً: ـ موقف حكم المادة المذكورة من قانون الإجراءات الجنائية والذى وضع حداً أقصى لمدة الحبس الاحتياطى. وبالتالى تتوقف المعاملة المالية للمعتقل عند هذا الحد أم تستمر إلى ما بعد ذلك، لذلك طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية، والإفادة بالرأى.
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 7 من مارس سنة 2007م ، الموافـق 17 من صفر سنة 1428هـ ، فاستبان لها أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ينص فى المادة (40) منه على
أن ” تحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقاً لما ورد بالجدول رقم (1) المرافق ” وتنص فى المادة (50) منه على أن ” تضع السلطة المختصة نظاماً للحوافز المادية والمعنوية للعاملين بالوحدة بما يكفل تحقيق الأهداف وترشيد الأدار على أن يتضمن هذا النظام فءات الحوافز المادية وشروط منحها، وبمراعاة إلا يكون صرفت تلك الحوافز بفئات موحدة وبصورة جماعية كلما سمحت طبيعة العمل بذلك وأن يرتبط صرفها بمستوى أداء العامل والتقارير الدورية المقدمة عنه “. وتنص المادة (51) منه على أنه ” يجوز للسلطة المختصة تقرير مكافآت تشجيعية للعامل الذى يقدم خدمات ممتازة أو أعمالاً أو بحوثاً أو اقتراحات تساعد على تحسين طرق العمل أو رفع كفاءة الأداء أو توقير فى النفقات “. وتنص المادة (62) منه على أنه “…..ولا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لأجازه يستحقها…..”
واستعرضت الجمعية العمومية أيضاً المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقوانين أرقام 60 لسنة 1968 و37 لسنة 1972 و164 لسنة 1981 و50 لسنة 1982. و التى تنص على أنه ” لرئيس الجمهورية متى اعُلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، وله على وجه الخصوص: (1) وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والأنتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينه والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية….” وكذلك المادة (3) مكرر والتى تنص على أن ” يبلغ فوراً كتابة كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقاً للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو اعتقاله، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطياً…”
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ـ وعلى ما جرى به افتاؤها ـ أن المشرع قد تناول بالتنظيم كافة المستحقات المالية للعاملين المدنيين بالدولة فحدد الأجور والعلاوات المستحقة لهم وفقاً
لجدول المرتبات الملحق بفانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، كما حدد سائر مستحقاتهم الأخرى من بدلات ومكافآت وحوافز إضافية بنصوص صريحة وجعل استحقاقها منوطاً بتوافر أسباب تقريريها المنصوص عليها فى هذا الخصوص وأنه ولئن كان من المسلم أن الأجر مقابل العمل فلا يستحق العامل أجراً إلا مقابل ما يؤديه من خدمات وأنه لا يجوز أن ينقطع عن عمله إلا لأجازة يستحقها العامل وإلا حُرم من أجره مدة انقطاعه وذلك دون إخلال بمسئوليته التأديبية، غير أن الانقطاع الذى يرتب هذا الأثر هو ذلك الانقطاع الإرادى الذى يرجع إلى إرادة العامل ورغبته أما إذا كان الانقطاع لأسباب وظروف خارجة عن إرادته حالت بينه وبين التوجه إلى مقر عمله فى أوقات العمل الرسمية فإن مناط الحرمان من الأجر يكون قد تخلف فى شأنه ولا يجوز بالتالى إعمال الأثر المترتب على الانقطاع الأرادى فة هذه الحالة سواء من حيث الأجر أو المسألة التأديبية.
ولا ينال من ذلك ما ورد بالمادة (3) مكرر من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ من عبارة ” ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطياً “. وإذ يجب تفسير تلك العبارة على النحو الذى وردت فيه، إذ أن الأصل فى النصوص التشريعية ـ وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ـ هو ألا تحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويها لها سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجافاتها الأغراض المقصودة منها.
والحاصل من ذلك أن السياق الذى وردت فيه تلك العبارة هو الذى يكشف عن حقيقة نطاق المعاملة التى يقصدها المشرع من إيرادها. وهى المعاملة فى النطاق الجنائى وليس فى النطاق الإدارى وبالتالى يجب دوماً ألا يتعدى ذلك إلى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة. إذ أن قانون الطوارئ فى مجمله ليس معنياً بالتنظيم الإدارى على الإخلال ولا أول على ذلك من أن عبارة ” ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطياً” تم إضافتها إلى المادة (3) مكرر بموجب القانون رقم 37 لسنة 1972. ذلك القانون المعنى بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين. والذى شمل ضمن ما شمل ـ تعديل قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية وحالة الطوارئ، ومن ثم فإن المقصود من إيراد تلك العباره استفادة المعتقل من الضمانات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائيه للمحبوس احتياطياً والذى يُعامل معاملة خاصة سواء من ناحية الإقامة فى المأكل والملبس إذ يتــم
حجزه بعيداً عن المحكوم عليهم ويحق له ارتداء ملابسه الخاصة واستحضار ما يلزم من الغذاء من خارج السجن فضلاً عن تمتعه بما ورد فى المادة (140) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه من أنه ” لا يجوز لمأمور السجن أن يسمح لأحد من رجال السلطة بالاتصال بالمحبوس داخل السجن إلا بإذن كتابى من النيابة العامة، وعليه أن يدون فى دفتر السجن اسم الشخص الذى سمح له بذلك ووفق المقابلة وتاريخ ومضمون الإذن ” وكذلك ما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطى و التى عينت المادتين (142) و (143) بتفصيله وترتيباً على ذلك فإن المعتقل ـ أياً كان سبب اعتقاله ـ سواء أطلق عليه معتقل سياسى أو معتقل جنائى، إذ أنه ظالما اتخذت حياله إجراءات الاعتقال طبقاً لقانون الطوارئ فإنه يكون معتقلاً بغض النظر عن مبررات هذا الاعتقال سيما وأن الاعتقال فى جميع الأحوال ووفقاً للطبيعة القانونية له ـ ولا يغدو وأن يكون اعتقال إدارى. يستحق أجره الأساسى كاملاً خلال مدة اعتقاله أياً كانت تلك المدة ـ وكذلك ملحقات الأجر اللصيقة التى تدور معه وجوداً وعدماً والتى تتصف بالعمومية كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل، أما استحقاقه للحوافز الشهرية فيتوقف على شروط وقواعد صرفها فإذا ما كان صرفها يتطلب أداء جهد غير عادى أو تحقيق معدلات أداء معينه فلا يتم صرفها إلا عن بذل هذا الجهد، ويحقق معدلات الأداء المطلوبة أما إذا كان صرفها يتم بصورة جماعية للعاملين فى الجهة فإن المعتقل يحق له صرفها طوال مدة اعتقاله.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أحقية المعتقل طبقاً لقانون، أياً كان سبب اعتقاله، فى الحصول على أجره الاساسى وملحقاته اللصيقة التى تدور معه وجوداً وعدماً، كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل، والحوافز والأجور الإضافية التى لا يتوقف استحقاقها على أداء جهد غير عادى أو تحقيق معدلات أداء معينه، خلال فترة الاعتقال،وذلك تأييداً للإفتاء السابق، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة