المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 نظمت ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء
المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 نظمت ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء
جلسة 19 من مايو سنة 1984
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وفاروق عبد الرحيم غنيم ويحيى السيد الغطريف – المستشارين.
الطعن رقم 2109 لسنة 29 القضائية
( أ ) قرار إداري – ميعاد الطعن فيه – تظلم إداري – مسلك إيجابي – أثره – امتداد ميعاد الطعن في القرار.
المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 نظمت ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء – إنهاء بعثة المدعي في ألمانيا الغربية اعتباراً من 6/ 10/ 1980 قبل الحصول على الدكتوراه – علم المدعي بالقرار وتظلمه منه في تاريخ معاصر لصدوره – إقامة المدعي لدعواه في 19/ 2/ 1983 لقضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى تطبيقاً لنص المادة 24 المشار إليها – الحكم المذكور أغفل ما هو ثابت بالأوراق من أن جهة الإدارة والأجهزة المعاونة لها قد سلكت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل الاستجابة إلى تظلم المدعي وطلب مد بعثته للحصول على الدكتوراه الموفد من أجلها – ومن ثم يمتد ميعاد البحث في التظلم – أخذاً بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – ريثما يتبين ما ينبئ عن العدول عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن: طلب المكتب الثقافي بألمانيا الغربية مراراً إعادة النظر في قرار إنهاء البعثة للظروف التي شرحها عن حالة العضو – استجابة الإدارة العامة للبعثات لهذا الطلب وتكرار العرض من جانبها على اللجنة التنفيذية في الجلسات التي عقدتها لهذا الغرض خلال السنوات 1980، 1981، 1982 – طلب الجامعة الموقدة الاستجابة لمظلمة المدعي – مع كل هذه الظروف لا ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ علم المدعي بالقرار الصادر بإنهاء بعثته في عام 1980 – قبول الدعوى.
(ب) بعثات – اللجنة التنفيذية للبعثات – سلطاتها – إساءة استعمال السلطة.
مؤدى نصوص القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم البعثات والإجازات الدراسية والمنح أن اللجنة التنفيذية هي صاحبة السلطة في تحديد مدة البعثة ومد مدتها وإنهائها – قراراتها في هذا الشأن لابد أن تكون مستندة إلى سبب مشروع وبمنأى عن إساءة استعمال السلطة ومحققه للصالح العام وإلا وقعت باطلة جديرة بالإلغاء – قرار إنهاء بعثة المدعي بالرغم من التقارير التي تفيد إمكانه تحقيق الغرض المقصود من البعثة – مخالفته للقانون – بيان ذلك.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 19 من مايو 1983 أودع الأستاذ محمد ممتاز نصار المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ أحمد مهنى عبد الله، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2109 لسنة 29 القضائية ضد:
1 – الإدارة العامة للبعثات.
2 – وزارة التربية والتعليم العالي.
3 – جامعة أسيوط (فرع سوهاج).
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 3 من مايو سنة 1983 في الدعوى رقم 2278 لسنة 27 القضائية المرفوعة من الطاعن ضد المطعون ضدهم الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي مصروفاتها.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري القاضي بعدم قبول الدعوى والحكم بقبولها وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون عليه بوقف بعثة الطاعن حتى يفصل في موضوع الطعن ثم الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بوقف بعثة الطاعن واعتباره كأن لم يكن والحكم باعتبار بعثته مستمرة حتى حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة ماينز (الرياضيات) بألمانيا الغربية وصرف مستحقات الطاعن حتى تمام حصوله على الدكتوراه مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات والأتعاب.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بشقيه مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 20 من يونيه سنة 1983 ثم قررت الدائرة بجلسة 19 من ديسمبر سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 7 من يناير سنة 1984 ونظرته المحكمة في هذه الجلسة وما تلاها على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 14 من إبريل سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 19 من فبراير سنة 1983 أقام أحمد مهنى عبد الله الدعوى رقم 2278 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد:
1 – الإدارة العامة للبعثات.
2 – وزارة التربية والتعليم العالي.
3 – جامعة أسيوط (فرع سوهاج).
طالباً الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بوقف بعثته حتى يفصل في موضوع الطعن.
ثانياً: بإلغاء القرار المطعون عليه بوقف بعثة المدعي واعتباره كأن لم يكن
والحكم باعتبار بعثته مستمرة حتى حصوله على درجة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة ماينز بألمانيا الغربية وصرف مستحقاته الموقوفة حتى تمام حصوله على الدكتوراه وجاء في أسباب الدعوى أن المدعي حصل على بكالوريوس العلوم (الرياضيات) من جامعة أسيوط في عام 1966 وفي عام 1974 رشحته الجامعة كمبعوث للحصول على الدكتوراه من ألمانيا وسافر إليها في 7/ 10/ 1974 حيث التحق بمعهد جوته لدراسة اللغة الألمانية واستغرقت هذه الدراسة ستة شهور وانتهت في 27/ 3/ 1975 وبتاريخ 1/ 4/ 1976 سجل اسمه في الجامعة للحصول على الدبلوم وهو شرط أساسي للتقدم لدرجة الدكتوراه لأنه لم يكن قد حصل على الماجستير من مصر واستمر في دراسته إلى أن فوجئ بأن الإدارة العامة للبعثات قد أوقفت بعثته اعتباراً من 6/ 10/ 1980 إلا أن ذلك لم يحصل دون استكمال دراسته وتمكن من الحصول على الدبلوم فعلاً في أكتوبر سنة 1981.
وأضاف أن المستشار الثقافي مدير مكتب البعثة الثقافية بألمانيا كان قد أرسل كتاباً بتاريخ 15/ 10/ 1981 إلى رئيس جامعة أسيوط طلب فيه مد بعثة المدعي للحصول على الدكتوراه مع صرف مرتباته التي كانت الإدارة العامة للبعثات قد أوقفتها بتاريخ 6/ 10/ 1980 وبناء على ما جاء بهذا الكتاب طلبت الإدارة العامة للبعثات بتاريخ 23/ 1/ 1982 من المكتب الثقافي بألمانيا معرفة التاريخ المتوقع لحصول المدعي على الدكتوراه وقام المكتب بالرد على الإدارة وتمسك في رده بأن يتاح للمدعي فرصة استكمال الدراسة الموفد من أجلها خصوصاً وأن بلوغ هذا الهدف لن يستغرق سوى سنة ونصف وعلى الرغم مما جاء بهذا الكتاب فقد أصدرت الإدارة العامة للبعثات قراراً بتاريخ 11/ 12/ 1982 بوقف بعثة المدعي وقد تظلم منه إلا أن تظلمه لم يلق استجابة من الجهة المتظلم إليها ولذلك فقد أقام هذه الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة وردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن دفعت أصلياً بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد وذلك تأسيساً على أن المستفاد من عريضة الدعوى أن القرار المطعون فيه صدر اعتباراً من 6/ 10/ 1980 وتحقق علم المدعي به في تاريخ صدوره حيث أوقف صرف مرتب البعثة وقد تراخى في رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية، أما طعنه على قرار اللجنة التنفيذية للبعثات الصادر في 11/ 12/ 1982 فلا يجديه لأنه لا يعدو أن يكون تأكيداً لقرارها الأول الصادر بوقف البعثة منذ 6/ 10/ 1980 وتطرقت الإدارة من باب الاحتياط إلى الموضوع وطلبت رفض الدعوى بناء على أحكام قانون رقم 112/ 1959 وعلى أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعي تقاعس عن استكمال دراسته بعد حصوله على البكالوريوس في عام 1966 وحتى تاريخ ترشيحه للبعثة وسفره إلى ألمانيا في 7/ 10/ 1974 كما انه لم يلتحق بدراسة الدبلوم إلا في شهر إبريل 1976 أي بعد انقضاء حوالي سنة من تاريخ انتهاء دراسته للغة الألمانية وقد استغرق حصوله على الدبلوم مدة ست سنوات وهي مدة مبالغ فيها ومن أجل ذلك ارتأت الإدارة العامة للبعثات إنهاء بعثته ووقف صرف مرتبه إعمالاً للسلطة المخولة لها قانوناً بمقتضى المادتين 24، 28 من القانون رقم 112/ 1959…
وبجلسة 3 من مايو سنة 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بمصروفاتها. وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان المدعي قد وجه طعنه بموجب الدعوى الماثلة إلى قرار الإدارة العامة للبعثات الصادر في 11/ 12/ 1982 بوقف بعثته إلا أن الثابت من الأوراق أن هذا القرار لا يعدو في حقيقته أن يكون تأكيداً للقرارات التي أصدرتها ذات الإدارة في تاريخ سابق على 6/ 10/ 1980 وفي 8/ 5/ 1982، 13/ 9/ 1982 بوقف بعثة المدعي اعتباراً من 6/ 10/ 1980 بعد انتهاء ستة أعوام على بدئها في 6/ 10/ 1974 وأن مؤدى ذلك أن الدعوى تنصرف في حقيقتها إلى الطعن على قرار الإدارة العامة للبعثات الصادر في وقت سابق على 6/ 10/ 1980 بوقف بعثة المدعي من هذا التاريخ باعتبار أنه هو الذي أنتج الأثر القانوني حيال المدعي وإذ تحقق علمه بالقرار الصادر برفض مد بعثته وإنهائها في تاريخ معاصر لصدوره وتأكد ذلك من قطع مرتبه عنه اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1980 – أول الشهر التالي لإنهاء البعثة وأيضاً من كتاب المستشار الثقافي للبعثة الثقافية ببون المؤرخ 1/ 7/ 1982 الموجه إلى مدير الإدارة العامة للبعثات الذي تضمن أن المدعي تقدم بعدة التماسات لإعادة النظر في قرار الإدارة العامة للبعثات الصادر بجلسة 9/ 5/ 1982 بالتمسك بقرارها السابق بالموافقة على إنهاء بعثته اعتباراً من 6/ 10/ 1980 وهو ما يقطع بتحقق علم المدعي بالقرار الطعين في وقت سابق على تحرير المستشار الثقافي للبعثة التعليمية ببون لخطابه المؤرخ أول يوليه سنة 1982 المشار إليه ومن ثم فإن الدعوى وقد أقيمت في 19/ 2/ 1983 أي بعد انقضاء أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه بالقرار المطعون فيه، تكون مقامة بعد الميعاد القانوني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه جانب الصواب وجاء مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، فقد ذهب الحكم إلى أن قرار 6/ 10/ 1980 بوقف بعثة الطاعن وقطع مرتبه هو المعول عليه في حساب ميعاد رفع الدعوى في حين أن هذا القرار لا يحاج به الطاعن ولا يسري في شأنه بعد أن رجعت عنه الإدارة بصرف مرتب الطاعن في البعثة كما انطوى الحكم على قصور في التسبيب إذ ابتسر أوراق الدعوى ومستنداتها التي تفصح عن أن القرار الصادر في 11/ 12/ 1982 هو الذي يسري في حق الطاعن دون غيره من قرارات سبق صدورها في هذا الشأن فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت من الأوراق إذ التفت عن أن جهة الإدارة التي أصدرت قرار 6/ 10/ 1980 هي نفسها التي عادت في 23/ 1/ 1982 وطلبت من المكتب الثقافي بألمانيا معرفة التاريخ الذي يتوقع فيه حصول الطاعن على الدكتوراه وهو ما يدل دلالة قاطعة على أنه حتى 23/ 1/ 1982 كانت الإدارة العامة للبعثات ما زالت تستفسر عن إمكانية استمرار الطاعن في البعثة وتعتبر بالتالي قراراتها السابقة عديمة الأثر إلى أن أصدرت قراراها المطعون فيه بتاريخ 11/ 12/ 1982.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن وملف البعثة الخاص بالمدعي أنه حصل على بكالوريوس العلوم في عام 1966 وعين في وظيفة معيد بجامعة أسيوط ثم أوفدته الجامعة في بعثة حكومية لمدة أربع سنوات للحصول على الدكتوراه في الرياضة (تحليل دالي) من ألمانيا الغربية وسافر إلى مقر البعثة في 7/ 10/ 1974 وووفق على مد بعثته لعام خامس وبتاريخ 25/ 3/ 1980 قررت اللجنة التنفيذية للبعثات على ضوء ما تبين لها من أن عضو البعثة لم يحصل بعد على الدبلوم – الموافقة على مد البعثة حتى 6/ 10/ 1980 (العام السادس) للانتهاء من الدبلوم على أن يكون هذا آخر مد ثم إنهاء البعثة من هذا التاريخ وقد أنهيت بعثة المدعي وأوقف صرف مرتبه بناء على هذا القرار لعدم حصوله على الدبلوم حتى 6/ 10/ 1980 وبإبلاغه بقرار اللجنة تظلم منها شارحاً موقفه والتمس إعادة النظر في قرار إنهاء البعثة وأيده في ذلك مكتب البعثات وبتاريخ 31/ 1/ 1981 قررت اللجنة التنفيذية للبعثات التمسك بقرارها السابق فتظلم منه مرة ثانية معززاً ظلامته برأي الأستاذ المشرف إلا أن اللجنة التنفيذية تمسكت بتاريخ 4/ 4/ 1981 بقرارها سالف الذكر ثم تظلم للمرة الثالثة من قرار اللجنة ملتمساً استمراره في الدراسة بألمانيا الغربية وحيث طلب كل من المكتب الثقافي والجامعة الموفدة إتاحة الفرصة له لاستكمال دراسته الموفد من أجلها يبد أن اللجنة التنفيذية ظلت على موقفها بالقرار الذي أصدرته في هذا الشأن بتاريخ 24/ 9/ 1981.
وإزاء ما ورد من مكتب المستشار الثقافي ببون بشأن حالة العضو وما أوضحه من أن المذكور قد انتهى من كل متطلبات الدبلوم ولم يبق له سوى كتابة رسالة الدكتوراه التي سينتهي منها في وقت قصير فقد أعيد عرض الموضوع على اللجنة التنفيذية التي قررت بتاريخ 23/ 1/ 1982 بأن يطلب من المكتب معرفة التاريخ المتوقع للعضو للحصول على الدكتوراه ولما ورد الرد من المكتب الثقافي بأن يتوقع حصول العضو على الدكتوراه خلال عام ونصف تم العرض على اللجنة التنفيذية التي قررت بتاريخ 8/ 5/ 1982 التمسك بقرارها السابق بإنهاء البعثة. وتلى ذلك أن حصل المدعي على الدبلوم في 14/ 6/ 1982 – واقترح المكتب الثقافي أخذ رأي الجامعة الموفدة حرصاً على الأموال التي صرفت وعلى أن يوضع في الاعتبار أن عدم حصول المدعي على الماجستير من الوطن يستلزم إطالة مدة البعثة بيد أن اللجنة التنفيذية قررت بتاريخ 13/ 9/ 1982 التمسك بقرارها السابق مما دعا الجامعة إلى إرسال كتاب للإدارة العامة للبعثات في أكتوبر سنة 1982 قالت فيه أن الصورة غير واضحة أمام الجامعة بشأن الأسباب التي أدت إلى تمسك اللجنة التنفيذية برفض مد البعثة للحصول على الدكتوراه خصوصاً أن الطالب قد سافر إلى بعثته مؤهلاً بدرجة البكالوريوس فقط مما يستلزم في ألمانيا حصوله على الدبلوم أولاً ولقد حقق العضو هذا الهدف في المدة المقررة بالضبط مما يشير بالقطع إلى جودة استعداده العلمي وفعلاً يمكنه الحصول على الدكتوراه في مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات على أقصى تقدير ومن ثم ترى الجامعة التمسك باستمرار الطالب في بعثته حتى لا تفقد الدولة أولاً والجامعة ثانياً مصاريف طالب بعثة لمدة سبع سنوات خصوصاً أن الأستاذ المشرف يفيد بأن الطالب يبشر علمياً بالخير وبإعادة العرض على اللجنة التنفيذية أصدرت بتاريخ 11/ 12/ 1982 قراراها الذي تمسكت فيه بقرارها السابق بأنها بعثة المدعي وظل الموضوع يعرض على اللجنة، حتى بعد تاريخ إقامة الدعوى الماثلة وصدور الحكم فيها.
ومن حيث إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه… أو إعلان صاحب الشأن به وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئات الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يبحث في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً. ويعتبر مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عليه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إنهاء بعثة المدعي اعتباراً من 6/ 10/ 1980 قد ترتب على قرار اللجنة التنفيذية الأول الصادر في تاريخ سابق (25/ 3/ 1980) وأن المذكور علم بالقرار الصادر بإنهاء بعثته وتظلم منه في تاريخ معاصر لصدوره إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل ما هو ثابت في الأوراق من أن جهة الإدارة والأجهزة المعاونة لها قد سلكت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل الاستجابة إلى تظلم المدعي وطلبه مد بعثته للحصول على الدكتوراه الموفد من أجلها ومن ثم يمتد ميعاد البحث في التظلم – أخذاً بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – ريثما يتبين ما ينبئ عن العدول عن هذا المسلك ويعلم بذلك صاحب الشأن وواقع الأمر في هذه المنازعة أن المكتب الثقافي الذي تتبعه البعثة والإدارة العامة للبعثات كلاهما قد استشعر حق المدعي في مد بعثته إذ طلب المكتب مراراً إعادة النظر في قرار اللجنة التنفيذية للبعثات الصادر بإنهاء البعثة للظروف التي شرحها عن حالة العضو من واقع ما كان يرد من تقارير عن دراسته وكان لذلك أثره البين في استجابة الإدارة العامة للبعثات لهذا الطلب فكان العرض المتكرر من جانبها على اللجنة التنفيذية في الجلسات التي عقدتها لهذا الغرض بتواريخ 31/ 1/ 1981، 4/ 4/ 1981، 24/ 9/ 1981، 23/ 1/ 1982، 8/ 5/ 1982، 13/ 9/ 1982، 11/ 12/ 1982 وتابعت الإدارة العرض على اللجنة بعد رفع الدعوى مثار الطعن والحكم فيها ففي 7/ 5/ 1983 عرضت الإدارة العامة للبعثات مذكرة برأيها في الموضوع خلصت إلى طلب النظر في الموافقة على استمرار العضو في الدراسة للدكتوراه مع تجديد بعثته عاماً يجدد بعده في ضوء تقدمه وصدر قرار اللجنة في هذا الشأن بأن تعد مذكرة للعرض على السيد الأستاذ الدكتور رئيس اللجنة العليا للبعثات في شأن التظلم وفضلاً عن ذلك فإن الجامعة الموفدة وهي الجهة صاحبة الشأن الأول في البعثة استجابت هي الأخرى لظلامة المدعي فكتبت إلى الإدارة العامة للبعثات في أكتوبر سنة 1982 طالبة مد البعثة لتحقق الغرض منها وحتى لا تضار المصلحة العامة، ولم تكن اللجنة التنفيذية ذاتها بمنأى عن هذه الاستجابة فقد اتخذت في هذا الصدد قراراها الصادر في 23/ 1/ 1982 الذي استفسرت فيه عن التاريخ المتوقع لحصول العضو على الدكتوراه في وقت كانت قد أصدرت فيه قرارات عديدة متتالية بالتمسك بقرارها السابق بإنهاء البعثة، ولا ريب أنه مع كل هذه الظروف لا ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ علم المدعي بالقرار الصادر بإنهاء بعثته في عام 1980 طالما أن هذا القرار ظل محلاً للدراسة والتمحيص والعرض على اللجنة التنفيذية على ضوء ما كانت تبديه الجهات الإدارية المعنية من آراء تزكي مد البعثة حتى تاريخ إقامة الدعوى مثار الطعن في 19/ 2/ 1983 والتي تعتبر والحالة هذه مرفوعة في الميعاد القانوني وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لما كانت الدعوى الماثلة مهيأة للفصل فيها موضوعاً فلا يكون ثمة وجه لإعادتها إلى محكمة الفضاء الإداري لكي تفصل فيها.
ومن حيث إن القانون رقم 112/ 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح قد نص في المادة 13 على أن تتولى اللجنة التنفيذية اختيار طلاب البعثة بعد المفاضلة بينهم وكذلك تحديد مدة البعثة ونص في المادة 23 على أن على عضو البعثة أن يتم بعثته في المدة المقررة لها وأن يواظب على حضور الدراسة أو التمرين…. ونص في المادة 24 على أن على اللجنة التنفيذية أن تقرر بصفة استثنائية مد مدة البعثة بعد التأكد من أن العضو قام بدراسته على وجه مرضٍ. ونص في المادة 28 على أن للجنة التنفيذية بعد أخذ رأي الجهة الموفدة أن تقرر إنهاء بعثة العضو الذي يتضح من التقارير الواردة عنه أن حالته تنبئ بعدم إمكانه تحقيق الغرض المقصود من البعثة وللعضو أن يتظلم من هذا القرار خلال 15 يوماً من تاريخ إعلانه به برقياً إلى رئيس اللجنة العليا للبعثات الذي يفصل في التظلم بصفة نهائية…….
ومن حيث إنه ولئن كان مؤدى هذه النصوص أن اللجنة التنفيذية هي صاحبة السلطة في تحديد مدة البعثة ومد مدتها وإنهائها إلا أن قراراتها في هذا الشأن كأي قرار إداري لابد أن تكون مستندة إلى سبب مشروع وبمنأى عن إساءة استعمال السلطة ومحققة للصالح العام وإلا وقعت باطلة جديرة بالإلغاء.
ومن حيث إنه في الدعوى المنظورة بدا واضحاً وجه مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة في القرار الذي أصدرته اللجنة التنفيذية بإنهاء بعثة المدعي اعتباراً من 6/ 10/ 1980 المطعون فيه إذ الثابت من أوراق الطعن أن اللجنة سبق أن وافقت على ترشيح المذكور للبعثة حال كونه غير حاصل على الماجستير الذي يؤهله للحصول على الدكتوراه من ألمانيا الغربية وقد سافر العضو إلى مقر بعثته في 7/ 10/ 1974 وبدأ في دراسة اللغة الألمانية واستغرق ذلك منه حوالي ستة أشهر ثم سجل للحصول على الدبلوم المشترط للدكتوراه في جامعة ماينز اعتباراً من الفصل الدراسي الشتوي 75/ 1976 وجاءت تقارير أستاذه المشرف بأن دراسته في تلك الجامعة تعد أعلى مرتبة من أي جامعة أخرى بألمانيا إذا يعطي الطالب مقررات إضافية على مستوى عال يحتاج إلى مدة لا تقل عن ست سنوات للطالب الألماني والأجنبي وأن العضو قطع شوطاً وحقق تقدماً في هذه الدراسة وهو الأمر الذي دعا مكتب البعثات إلى تعزيز طلب المدعي إعادة النظر في قرار اللجنة المشار إليه وأولى هذا الموضوع اهتمامه بغية التوصل إلى عدول اللجنة عن قرارها المذكور ثم كان أن حصل المدعي على الدبلوم المطلوب فعلاً في 14/ 6/ 1982 وفي هذا الصدد أفادت الجامعة الموفدة الإدارة العامة للبعثات بأن حصول الطالب على الدبلوم من ألمانيا الغربية كان لازماً وأنه حقق هذا الهدف في المدة المقررة بالضبط مما يشير إلى جودة استعداده العلمي وإمكانه الحصول على الدكتوراه – وهي الغرض الأساسي من البعثة في مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات على أقصى تقدير – ومن ثم ترى الجامعة استمرار الطالب في بعثته حتى لا تفقد الدولة أولاً والجامعة ثانياً المصاريف التي أنفقت لمدة سبع سنوات خاصة وأن الأستاذ المشرف يفيد بأن الطالب يبشر علمياً بالخير، ومع هذه الوقائع والظروف جميعها يكون قرار اللجنة التنفيذية الصادر بإنهاء بعثة المدعي قد انطوى على مخالفة صريحة لنص المادة 28 من القانون رقم 112/ 1959 الذي حدد السبب المبرر لإنهاء بعثة العضو بالتطبيق له بأن تكون التقارير الواردة منه تفيد بأن حالته تنبئ بعدم إمكانه تحقيق الغرض المقصود من البعثة وهو الأمر الذي ثبت عكسه في حالة المدعي من واقع التقارير الواردة عنه من مكتب البعثات المختص والأستاذ المشرف على دراسته فضلاً عن أن إصرار اللجنة على قراراها المطعون فيه بعد أن أحيطت علماً بجميع الظروف على الوجه الذي تضمنته أوراق الطعن يصمه بإساءة استعمال السلطة والتجني على المصلحة العامة بما يفضي إلى بطلانه والحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد على خلاف صحيح حكم القانون فإنه يتعين القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات