ليس إنسانًا من لا يخاف.. ليس إنسانًا من يتواطأ
الجيش في الشوارع ، ايا كانت المبررات ، فهو مشهد لا يصنع الشعور بالامان في النفوس.
قد يثير مشهد المدرعات والجنود أحيانا القلق والترقب ، او انعدام الامن و أن الأمور ليست على مايرام ، وقد يعزز راي البعض أنه مشهد طبيعي في دولة عسكرية ، وقد يثير الخوف ، سواء بسواء لدي الابرياء أو المنتوين غدرا.
المحاكمات الجائرة والاحكام القاسية تمضي على قدم وساق ، ولا تقتصر على المتهمين وحدهم ، بل تطال احيانا المحامين المدافعين عنهم.
يبدو أن السجون قد اكتظت بالسجناء ، كتفسير لشيوع الزج بالمتهمين – بل وغير المتهمين – في معسكرات الامن المركزي واقسام الشرطة .
المحاكم ضاقت على المتقاضين ، فاصبح من المعتاد أن تعقد في معاهد واكاديميات أمنية لا تتبع وزراة العدل ولا تسيطر عليها أجهزة القضاء.
المحاكم العسكرية تنشط كخلية نحل نتيجة لاستقبال المزيد من المدنيين بعد التوسع في الزج بهم للمثول أمامها.
العنف والارهاب الاسود يتربص في الاركان والزوايا ينتظر ضحاياه ، ولا يفرق بين ذكر وأنثى ، فكل الرافضين للحكم الديني حق عليهم النحر والتفجير المقدس.
ثورة يناير باتت مؤامرة خارجية ممولة ، يستثنى منها المستفيدين مالا ومنصبا ونفوذا.
حريتك في التعبير مكفولة عدا تناول الحاكم والداخلية والقضاء ومبارك والسعودية ورجال كل منهم ، وقبلهم أي كلمة حول خطورة تدخل الجيش في السياسة والاقتصاد.
التصالح مع ناهبي المال العام وارد ، وتعيينهم بمناصب رفيعة مشروع ، وإغداق الثناء عليهم مستحب ، لكن مع شاب تجرأ وتظاهر ليطالب لا ليشكر ،فذلك من عقابه السجن أو الاعتقال بمسماه الجديد “الحبس احتياطي”.
القائمة تطول ، لكن ما سبق قد يكفي أن تشعر بالخوف .
دعك من تأييدك لتظاهرات 30 يونيو ، فأحمد دومة كان أحد الداعين لها ، بل ومؤيد لـ 3يوليو.
ودعك من دستور الحريات ، فقبل أن يجف حبره انتهكه النظام ما يزيد عن 12 مرة .
إنظر للسجون لتعي ، لابد ان تكون كاره ومعادي لـ 25يناير ، ومسبح ومهلل وشاكر 30 يونيو ، ثم 3يوليو.
سؤال : هل ضمن الـ 60 ألف سجين ، او قل 40 ألف أو حتى 20 ألف سجين ناقد ” وليس حتى رافض” لـ 3يوليو؟!
لا ترهق نفسك بالاجابة. لا
السجن في مصر أقرب اليك من حبل الوريد إن كنت من المشاركين في ثورة 25يناير فقط ،
واقرب اليك من معصمك إن كنت مؤيد ل25يناير و30 يونيو
وابعد اليك من كوكب عطارد ان كنت مؤيد ل 3يوليو فقط دون سواها.
وهم حرية التعبير في مصر ، تجربة:
تصايح إعلاميين بديمقراطية الرئيس السيسي ودعمه لحرية التعبير كذريعة للهجوم على 25يناير ، ووصفها بالمؤامرة هو “رأي” وحين يسافر الرئيس يصطحب معه بعض هؤلاء الاعلاميين ، لانه يدافع عن حرية الرأي.
لكننا لم نرى – ولا أعتقد أننا سنرى- الرئيس المدافع عن حرية الرأي يصطحب معه من عبر عن رأيه ولو على خفاء بأن 3يوليو انقلاب ، أو حتى لم يعلن رأيه الداعم لها صراحة.
أن تخاف وتخجل من إعلان خوفك ، شيئ طبيعي في مجتمع مقيد ومكبل يقدس من لا يهتز ! لكن ان تخاف وتهتز في مجتمع منفتح وطبيعي فهذا امر عادي ولا يسيئ لك ، لأنك إنسان طبيعي وما يحدث بمصر يثير الخوف.
أن تصمت رفضا للقمع وخوفا منه ، لا يمثل جريمة والسجن ليس أمر مستحب.
ان تتواطأ خوفا أو طمعا أو تملقا أو درءا لخطر أو تجنيبا لمسائلة – على راسك بطحة- هو العار.
الخوف شعور طبيعي قد يدفعك للحرص ، بل لابد ان يدفعك للحيطة والحذر ، لكن التواطؤ يمثل عار المشاركة ليس فقط في توسيع مناخ الخوف ، بل والجرائم التي ترسخ هذا الخوف.
في عهد انتشر به الخوف وإزدهر به القمع والمصادرة والحبس الاحتياطي الصمت أفضل من إدعاء الحياد وتناول توافه الامور والتعليق عليها بجدية لا تخدع سوى المتماهين مع بوصلة النظام أيا كان اتجاهها.
أن تقل خيرا أو لتصمت ، ولا خير في ساكت عن الحق وناطق في برامج اعلاميين صفوت الشريف.
جمال عيد