مذكرة دفاع ” الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ” في قضية شاهندا مقلد بشأن كتابها من أوراق شاهندا مقلد

محكمة جنح مدينة نصر

مذكرة بدفاع كلا من

السيدة / شاهندة عبد الحميد شوقي مقلد

السيدة / شرين سعد محمد أبو النجا

السيد / محمد هاشــــــم

متهمون

ضـــــــــــد

ورثة المرحوم / عزيز أحمد عبد الله الفقي

مدعين بالحق المدني في الجنحة رقم 46739لسنة 2006

المحدد لنظرها جلسة 28 / 5 / 2007

الوقائع

أقام المدعون بالحق المدني الجنحة الماثلة ضد كلا من : شاهندا مقلد ، شرين أبو النجا ، محمد هاشم ، طالبين فيها الحكم بمعاقبتهم بالمواد 308 ، 49 ‘ 50 من قانون العقوبات بزعم أنهم ارتكبوا جريمة القذف في حق عائلة المدعين بالحق المدني من خلال كتابهم المغرض المسمي ” من أوراق شاهندة مقلد ” . وحدد المدعين بالحق المدني في صحيفة الادعاء عبارات القذف المستوجبة للعقاب والتي وردت في الكتاب .

يدفع المتهمون بالدعوي بالدفوع الآتية

أولا : عدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لكون القذف في حق الموتي

. ثانيا : عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لمخالفة مواد الاتهام لنص المادة 47 من مواد الدستور .

ثالثا : عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لعدم توافر القصد الجنائي

رابعا : عدم انطباق المادة 308 عقوبات علي واقعة الدعوي .

أولا :عدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لكون القذف في حق الموتى .

لم ينص قانون العقوبات المصري علي حكم قذف الموتى وقد كانت المسألة خلافية في فرنسا بين الشراح ولدي المحاكم أيضا واهم سبب لذلك الخلاف أن دعوي القذف لا ترفع في فرنسا إلا بناء علي شكوى شخص المقذوف ، فإذا مات المجني عليه سقط بموته حق الشكوى ، ولا يحق لغيره حل محله في ذلك ‘ إلا إذا أريد بقذف الميت المساس بكرامة أسرته وذويه الذين لا يزالون علي قيد الحياة ، فيحق لهؤلاء في هذه الحالة أن يرفعوا الشكوى بأسمائهم لان القذف موجه إليهم في الواقع ، وكذلك نصت المادة 34 من قانون الصحافة الفرنسي الصادر في سنة 81 ” علي أن أحكام القذف أو السب لا تنطبق علي ما يقع منها في حق الأموات وأوضحت هذه المادة أن الطعن في ذكري شخص توفي من غير أن يقترن ذلك بالتعريض بوراثته أو الإشارة إليهم بأية صورة فلا يعتبر متعديا إلي الوراثة . ” من كتاب المستشار معوض عبد التواب في القذف والسب طبعة 2003 ص 62 ، 63 ) . يقول المستشار عدلي خليل في كتابه القذف والسب ص 24 : من المسلم به أن المقذوف في حقه يجب أن يكون باقيا علي قيد الحياة لأن الحق في الشرف والاعتبار فرع من الشخصية القانونية وهي تنقضي بالوفاة فينقضي ذلك الحق بدوره ومن ثم لا يتصور الاعتداء عليه . فيشير الأستاذ الدكتور محمود مصطفي أن الأصل في القوانين أنها توضع لحماية الإحياء دون الموتى فضلا عن هذا فإن من عناصر القذف أن يكون موجه إلي شخص معين وأن الميت لم يعد شخصا . ويوضح القاضي الأستاذ شريف كامل الجرائم الصحفية ص 48 :- ( انه بالموت تنتهي حقوق الإنسان فلا يتعرض من يفتأت علي ماضيه للعقاب إذ القذف والسب والإهانة والعيب لا يمكن أن تقع قانونا إلا علي شخص حي وموجود ) .

ثانيا : عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لمخالفة مواد الاتهام لنص المادة 47 من مواد الدستور .

ذلك أن المادة 47 من الدستور تنص علي أن : ( حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره … والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني ) . وتقييم المتهمة لأسرة الفقي هو من قبيل النقد التاريخي المباح ذلك لأن أسرة الفقي لعبت دورا خطير مسجل علي صفحات التاريخ ولذلك فان أي تقييم من جانبها لأحداث تاريخية يندرج تحت عنوان النقد التاريخي المباح . ولا يجوز مؤاخذة المتهمة علي التعليق علي أحداث تاريخية وقعت خلال الصراع الذي دار بين الإقطاع والفلاحين في قرية كمشيش . ” وحيث أن من المقرر كذلك أن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها لا يجوز تقيدها بأغلال تعوق ممارستها ، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة علي نشرها ، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها ، بل يتعين أن ينقل المواطنين من خلالها – علانية – تلك الأفكار التي تجول في عقولهم . فلا يتهامسون بها نجيا ، بل يطرحونها عزما ، ولو عارضتها السلطة العامة – أحداثا من جانبهم – وبالوسائل السليمة – لتغيير قد يكون مطلوبا،فالحقائق لا يجوز إخفائها ، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير ، كذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها ، بل كذلك أختيار الوسائل التي يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء في مجال عرضها أو نشره ، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها ، ولعل أخطر ما يهدد حرية التعبير أن يكون الإحساس بها شكليا أو سلبيا بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولا بتبعاتها ، وألا يفرض أحد علي غيره صمتا ولو بقوة القانون ” ( حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية دستورية في 15/4/1995 )

ثالثا : عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لعدم توافر القصد الجنائي

إن عناصر القصد الجنائي في القذف والسب والإهانة يتحقق متى كانت الألفاظ الموجهة إلي المجني عليه شائنة بذاتها ، ولا حاجة في هذه الحالة إلي الاستدلال عليه بأكثر من ذلك . وحيث أن الكتاب محل الدعوي هو مجرد سرد لحقائق وفترة من الزمن تمثل جزء من التاريخ وورد في نهاية الكتاب ص 283 تنويه وهو ” تتضمن هذه الأوراق تاريخ مرحلة من مراحل نضال ضد الإقطاع في بقعة غالية من بقاع مصر وهي وان ورد بها بعض الأسماء لراحلين صاروا بين يدي الله من عائلة الفقي فان التعبيرات والوقائع التي استلزمها السياق لا تقصد التعميم علي كل عائلة الفقي فمنهم فقراء ومنتفعي إصلاح زراعي كادحون عانوا من ويلات الإقطاع ومنهم من ناضل وانضم إلي صفوف الفلاحين ضد الإقطاعيين ولم يصدر عن إي منهم ما صدر عن أعمال الإقطاعيين التي تحكيها هذه الأوراق والتي ما قصد بها إلا بيان صفحات هامة من تاريخ مصر دون أن تستهدف الإساءة إلي أي أشخاص أو عائلات . ” وبناء عليه يلتمس المتهمون الحكم ببراءتهما من التهمة المنسوبة إليهما استنادا إلي حكم المادة 60 من قانون العقوبات التي تنص علي انه : ( لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضي الشريعة ) وهذا النص يرفع عن الفعل المادي المنسوب للمتهمة صفة الجريمة إذا كان المتهم قد ارتكبه عملا بحق يكفله القانون. ويقول الأستاذ شريف كامل القاضي في كتابه الجرائم الصحفية ص48 : (مجال التاريخ: الحوادث التي تهم التاريخ إما أن يتعلق بأحياء أو بأموات فإذا تعلقت حوادث التاريخ بأحياء تقيدت حرية الناقد ( المؤرخ ) بمراعاة حق هؤلاء الأحياء في أن يصان اعتبارهم الشخصي والمهني وأن يصان شرفهم ومكانتهم ) أما رأي المؤرخ الشخصي في هذه الأحداث التاريخية فلا يرد عليها ثمة قيد سواء كان ذلك الرأي في صالح هؤلاء الأشخاص أم ضدهم . أما إذا تعلقت حوادث التاريخ بأشخاص فارقوا الحياة فحرية المؤرخ تضحي واسعة لأنه بالموت تنتهي حقوق الإنسان فلا يتعرض من يفتأت علي ماضية للعقاب إذا السب والقذف والإهانة والعيب لا يمكن أن يقع قانونا إلا علي شخص حي وموجود ) . وتعد سلامة النية دفاعا آخر يوجد في عدد من البلدان. ففي عدد من البلاد وتشمل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا، لا يدان المتهم حتى وأن كانت الوقائع خاطئة إلا إذا أخفق الصحفي في القيام بواجبه في مراجعة الوقائع بشكل مناسب. وفى ألمانيا يلزم المدعى بإثبات أن الإخفاق كان مقصودا أو ناتجا عن الإهمال. فالأهمية المعطاة لحق الجمهور في الحصول على المعلومات المتعلقة بالمصلحة العامة تصل إلى درجة أنه حتى عندما تكون الوقائع خاطئة من المرجح ألا يعاقب المتهم الصحفي بشرط ألا يكون مهملا أو سيئ النية في أفعاله. وفى الولايات المتحدة على المدعى، إذا كان شخصية عامة، أن يثبت أن الإخفاق كان عن علم أو نتيجة إهمال، وفى السويد يلزم المحررون المسئولون بالبرهنة على كون النشر مبرراً وأن المعلومات صحيحة أو نشرت بسلامة نية. وفى فرنسا يتحمل المتهم عبء إثبات سلامة النية، بكون أن الصحفي قد تابع بعناية، وراجع الوقائع، وهكذا. وفى بعض الحالات يبدو أن هناك افتراض بسوء النية والذي يوازن بالمصلحة العامة. وفى الممارسة تميل المحاكم إلى عدم منح ميزة الشك للصحافة، فيفرض القانون الفرنسي عموما، على سبيل المثال، عبئاٌ تقيلاُ على الصحافة، غير أنه من المفيد الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية قد حكمت : “رغم أن الاعتقاد بصحة الوقائع المزعومة وانعدام العداء بسبب المصلحة الشخصية ليس كافيا لاستبعاد افتراض سوء النية، فإن البواعث المشروعة النابعة من الحق والواجب في نشر المعلومة يسمح للصحفي بالتذرع بحسن نيته، بقدر ما يثبت ليس فقط جدية استفساره، ولكن أيضا منطقيته وموضوعيته ” أن توافر حسن النية لدى المتهم يكفى،على نحو ما استقر عليه الفقه والقضاء الفرنسيان،لإباحة القذف.وهذا من الناحية القانونية يعد تطبيقا للقواعد العامة في الإباحة. وقد مر القانون الفرنسي بتطور انتهى في سنة 1944 إلى أن إثبات الحقيقة يعتبر سببا لإباحة القذف سواء كان متعلقا بموظف عام أم بشخص عادى، ولم يستثن من هذه القاعدة إلا إذا كانت الوقائع المنسوبة للشخص تتعلق بالحياة الخاصة فلا يجوز إثبات صحتها. فالحق فى الإعلام حقق توسعا هاما في نطاق القانون الفرنسي، حيث اعتبرت الحقيقة سببا للإباحة .

رابعا : عدم انطباق المادة 308 عقوبات علي واقعة الدعوي .

طالب المدعون بالحق المدني معاقبة المتهمون بموجب المادة 308 عقوبات بزعم أنهم طعنوا في أعراض عائلة الفقي وهذا الزعم لا أساس له من الواقع أو القانون . ذلك أن كل ما ورد عن عائلة الفقي في الكتاب محل الدعوي لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد لأعراض أفراد أسرة الفقي من النساء . ولقد حددت محكمة النقض منذ وقت مبكر المقصود من الطعن في أعراض العائلات تحديدا واضحا إذ قضت بأن : ” الطعن في أعراض العائلات معناه رمي المحصنات أو غير المحصنات من النساء مباشرة وغير مباشرة بما يفيد أن أولئك النسوة يفرطن في أعراضهن أي يبذلن مواضع صفتهم بذلا محرما شرعا أو يأتين أمورا دون بذل موضع العفة ولكنها مخالفة للآداب مخالفة تنم عن استعدادهم لبذل أنفسهم عند الاقتضاء وتثير في أذهان الجمهور هذا المعني الممقوت فكل قذف أو سب متضمن طعنا من هذا القبيل يوجه إلي النساء مباشرة أو يوجه إلي رجل أولئك النساء من عائلته ويلزمه أمرهم يكون قذفا أو سبا فيه طعن في الإعراض ” ( طعن 863 / 2 ق جلسة16 / 1 /33 مجموعة القواعد ج 2 بند 124 ص 744 ومنشور في مرجع المستشار خليل القذف والسب ص101 ) .

بناء عليه يلتمس المتهمون الحكم بالبراءة تأسيسا علي : ما تقدم من دفوع

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *