طنطاوي والأسواني والشفاط … الشنطة فيها كتاب دين!

جمال عيد

لماذا تترك الدولة أحمد طنطاوي طليقا ولم تقبض عليه؟

سؤال يطرحه الكثير من المشككين ، سواء من خندق السلطة ، ممن يقتاتون على شعار ” افرم يا سيسي” أو حتى من خندق المعارضة ، عن حسن نية أحيانا وعن يأس واحباط في احيان اخرى.

لكن، وكما يقال “الزن ع الودان امر م السحر” فتكرار السؤال والالحاح عليه وصل في تأثيره إلى روائي و كاتب سياسي سياسي مخضرم بحجم الدكتورعلاء الاسواني! مما يشير لتغلغل ثقافة ” الاشمعنائيات !!

إشمعنى الدولة سايبة فلان  ولم تقبض عليه؟ إشمعنى بتدافع عن السجين زيد ولا تتكلم عن السجين عمرو؟ إشمعنى بتهاجم مرسي ولا تهاجم السيسي؟ إشمعنى بتهاجم السيسي ولا تهاجم مرسي؟ إشمعنى بتهاجم بشار الاسد ولا تهاجم المتطرفين؟ إشمعنى بتدافع عن العلماني ولا تدافع عن الاسلامي؟ إشمعنى بتدافع عن الاسلامي ولا تدافع عن المسيحي؟

إشمعنى ، باتت ثقافة للاسف.

وردت إشمعنى الأولى على لسان الدكتور علاء  في ندوته ليوم الاربعاء 19 سبتمبر المعنونة ”  كفاية كدا وكده ” حين تسائل” إشمعنى السلطة لم تعتقل أحمد طنطاوي وهو ينتقد ويهاجم السلطة والسيسي وغيره تم اعتقاله”.

قلت لنفسي، عادي من حق الدكتوركمواطن مصري مهموم بشئون بلده أن ينتقد شخصية عامة ، خاصة حين تترشح لأهم منصب تنفيذي في مصر، وهو احمد طنطاوي البرلماني السابق والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية.

ثم وفي ندوته الاخيرة 26 سبتمبر المعنونة ” طنطاوي وجميلة وزهران ،، الشفاط عطلان” ، كرر الدكتور علاء سؤاله ، بالحاح ، مليئ بالشك ويثير حوله الشك ، عن اسباب عدم اعتقال طنطاوي رغم كل انتقاداته الحادة للنظام ورأسه.

فضلا عن استياءه من ” بوادر فاشية لدي أنصار ومؤيدي أحمد الطنطاوي ، وكذلك اصراره على رفع مطلب اشراف دولي على الانتخابات في مصر”.

ليس دفاعا عن طنطاوي ، ولكن رفضا  لمنطق الاشمعنائيات

لست هنا في معرض الدفاع عن طنطاوي أو الهجوم عليه، لكن اشمعنائية الدكتور علاء الاسواني أثارت ليس فقط هموم وأشجان ، بل وغضب من هذا المنطق أوهذا  المنهج في التفكير!.

بداية أعلم ، ويعلم كل مهموم ومشتغل بالسياسة او بحقوق الانسان  وأثق ان الصديق علاء الاسواني يعلم ايضا، ان النظم السلطوية والمستبدة ومنها مصر، لا تقتصر في عقاب معارضيها على وسيلة أو طريقة واحدة ، بل لديها فيض من الطرق والوسائل ، تختار منها ما تشاء وقتما تشاء وضد من تشاء.

بمعنى ، ان الاعتقال مهما كانت قسوته وشدته ، يظل وسيلة ضمن وسائل وأدوات القمع والعقاب.

لكن هناك وسائل أخرى ، منها على سبيل المثال ” خطف الاقارب كرهائن ، التجويع بالحرمان من العمل، التشهير وتلطيخ السمعة ، القبض على ذوي وأقارب المعارض او اصدقائه أو زملائه ،المنع من السفر ، الضرب في الشوارع ، التصفية الجسدية أحيانا ، الادراج في قوائم الارهاب دون أدلة احيانا ، ضرب الابناء أو التهديد باعتقالهم احيانا، الترويع باقتحام مقار العمل أحيانا ، الابتزاز بصور أو فيديوهات للمعارض او المنتقد أحيانا، تلفيق القضايا وعدم تنفيذ الحكم لجعله سيف مسلط على المعارض أحيانا ،،،، الخ الخ ” وتلك مجرد أمثلة ، بجانب الاعتقال أو الحبس بالطبع.

نعلم هذه الوسائل ويعلمها الدكتور علاء

وهو ما يؤدي بنا للسؤال الصحيح ، الذي كان ينبغي سؤاله:

  • هل ارتكب طنطاوي جريمة أو خالف القانون ليتم اعتقاله؟
  • الاجابة لا ، لكن،،، بالفعل السلطة تعتقل اخرين قد يكونون أقل منه نقدا أو حده .
  • سؤال اخر: هل يليق أن نوجه هذا السؤال لطنطاوي أو لغيره من المنتقدين؟ هل نسألهم لماذا لم تعتقلكم السلطة؟

فلاش باك

فس سنة 2016 قامت السلطة باحياء القضية السياسية الملفقة ضد المجتمع المدني ، وقامت على اثرها باصدار قرارات بالتحفظ على حسابات وممتلكات بعض الحقوقيين ومنعهم من السفر ، ولم تحبسهم!! كان من ضمنهم كاتب هذه السطور، و وجدت من يسأل : ليه الدولة لم تعتقل جمال عيد أو حسام بهجت أو أو أو ،،، على سبيل المثال.

في نهاية نفس العام ، ديسمبر 2016 ، شنت أجهزة الامن حملة بوليسية أغلقت خلالها كل مكتبات الكرامة العامة التي أنشأتها بأموالي الخاصة ، ظنا منها انه بذلك تنتقم مني وتنكل بي ، في حسن انها اطفأت بهذا الحملة بصيص ضوؤ لاطفال  وشباب الاحياء الشعبية المستفيدين من هذ المكتبات.

ومرة أخرى ، ظهر السؤال رغم ذلك : لماذا لم تعتقل السلطة جمال عيد؟.

أصحاب السؤال ، تناسوا أو تجاهلوا أن المنع من السفر و التحفظ على الحسابات وغلق المكتبات ، وتذكروا فقط : إشمعنائية ” لماذا لم يعتقل جمال عيد” “.

وفي عام 2019 ، تعرضت لاعتداءات بدينة عنيفة و للضرب في الشوارع ، ثم سرقة السيارة ، ثم سرقة سيارة زميلتي ، ثم للضرب مرة أخرى والتلطيخ بالطلاء في الشارع ايضا بواسطة ضباط.

ورغم ذلك تم طرح الاشمعنائية مرة اخرى : لماذا لم يتم القبض على جمال عيد؟

هل أنا مطالب بتفسير أو ذكر اسباب عدم اعتقالي؟

لماذا لم يتم اعتقال فريق موقع مدى مصر؟ لماذا لم يتم اعتقال فريق موقع المنصة؟ لما لم يتم اعتقال خالد علي؟ لماذا لم يتم اعتقال حسام بهجت؟ لماذا لم يتم اعتقال خالد البلشي؟ لماذا لم يتم اعتقال عايدة سيف الدولة؟ لماذا لم يتم اعتقال ،،،،،،،،، كفاية أمثلة

هل أٌسأل أنا أو طنطاوي لما لم تعتقلونا؟  بدلا من سؤال لماذا تتم هذه الاعتداءات ضدي أو اعتقال انصار وذوي طنطاوي؟

وما الجريمة التي ارتكبناها؟

هل تعلم يا دكتور أن عدد اقارب احمد الطنطاوي الذي القي القبض عليهم بلغ في وقت نحو 17 محبوس من اقاربه؟

هل تعلم أن أكثر من 70 من أنصاره تم القبض عليهم؟

سؤال أخير في بخصوص هذه الاشمعنائية : هل عدم القبض على المعارض أو المنتقد يمثل دليل على أنه ” مسنود ، مباحث” عصفورة ، عميل للامن ، تمثيلية ؟ “.

أترك الاجابة لك.

تناول الدكتور علاء بالنقد في نفس ندوته الاخيرة ، تشدد أنصار طنطاوي في دعمه لحد وصفه لهم بالفاشية!!

نقد التشدد شيئ ” والنقد هام ” لكن وصفهم بالفاشية ، أمر اخر ،،

 ليسوا فاشيين يا دكتور ، بالطبع اعلم انه وصف مجازي ، لكن حتى المجاز في وصف حماس أنصار  لمرشح بالفاشية ، لا يجوز ولا يليق ، لاسيما حين يكون هؤلاء المؤيدين الانصار طال قمعهم لسنوات ، وفوجئوا بمن يعيد لهم الأمل أو ينطق باحلامهم ، أنا معك في انتقاد التشدد والتطرف في الدعم ، ولست معك اطلاقا في وصفهم بالفاشية ،، هؤلاء الانصار والدعمين لطنطاوي أفضل مايوصفون به ، أنهم يرفضوا المساس بمرشحهم أو انتقاده ، بمنطق : محدش يهاجم الطنطاوي ، الشطنة فيها كتاب دين.

أخيرا ، نعم  لمطلبك بالاشراف الدولي على الانتخابات ، وهو مطلب هام وضروري ويؤخذ على طنطاوي عدم المطالبة به ، لكن ايضا وبافتراض قبول السلطة به ” وهو ما استبعده تماما” فالاشراف الدولي لا يضمن نزاهة الانتخابات ، هو جزء من الضمانات الرئيسية ، لكنه ليس الضمانة الوحيدة ، لاسيما في ظل نظام طال اهداره للقانون ولديه من خبرات نظام مبارك في تزييف الارادة السياسية لمواطنيه ، باع طويل.

الديمقراطية هي الحل.