ثورة البحرين ، والرئيس مرسي
نحو 12 خطاب رئاسي ، ألقاه الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي ، تابعناه كما تابعه الملايين ، ليس في مصر فقط ، ولكن في أنحاء العالم العربي وخارجه ، منذ تولي الحكم في بداية شهر يوليو الماضي.
و في حدود متابعتي فقد اشار الرئيس مرسي بخطاباته ثلاثة مرات للثورات العربية ، بدا فيها واضحا في ضرورة دعم ثورة الشعب السوري ضد الدكتاتور بشار الأسد ، وبدا فيها ايضا واضحا في تجاهله لثورة الشعب البحريني!
ثورة البحرين ،تلك الثورة التي انطلقت في 14فبراير 2011 ، والتي تميزت ببعض الخصائص لم تتوافر لثورة أخرى من ثورات الربيع العربي الستة.
– لم ترفع هذه الثورة شعار إسقاط النظام كما حدث بثورات “مصر ، تونس، ليبيا، اليمن ، سوريا” ، بل رفعت شعارات تطالب بالإصلاحات ووقف التمييز ضد الأغلبية !!
– هي الثورة الوحيدة التي قامت بها أغلبية شيعية لا تحكم ، ضد أقلية سنية تحكم ، وبمشاركة أعداد كبيرة من السنة .
– هي الثورة الوحيدة التي تم قمعها عبر جيش خارجي عربي قوامه الرئيسي من السعودية وبعض الدول الاخرى تحت لواء ما يسمى بـ “درع الجزيرة”.
– هي الثورة الوحيدة التي خرج فيها ما يزيد عن 30% من السكان في يوم واحد مطالبين بالحريات المدنية والإصلاح السياسي.
لكنها ثورة رفع لواءها أغلبية شيعية ! وفي عالمنا العربي، في أغلب الدول العربية ، دائما ما تستثني الديمقراطية فئة أو شريحة من السكان!
وفي البحرين العربية ،في البحرين فقط ، تستثني الديمقراطية الأغلبية لأنها شيعية ، لذلك فهي بحاجة لقوى خارجية تدعم الأقلية ، ولدي السعودية السنية الوهابية – أكبر دول الخليج وأكثرها قمعا – الحل ، إرسال جيش لقمع الأغلبية المارقة التي طالبت بالحريات والإصلاح.
أجد تفسيرا منطقيا لقيام السعودية بقمع الثورة البحرينية ، أو لتدخلها في اليمن ، أو لمناهضتها لثورة مصر وتونس .
لكني لا أجد تفسيرا منطقيا لتجاهل الدكتور مرسي رئيس مصر لثورة البحرين .
قد أجد تفسير ديني طائفي ، وهو إنتمائه لجماعة دينية سنية وهي جماعة الاخوان المسلمين !
لكنه تفسير خطير إن صدق !
فأنت إما تدعم الحرية أو تدعم القمع ، بغض النظر عن طبيعة السلطة الحاكمة أو الشعب المقموع.
بغض النظر عن القامع ، والمقموع.
لا فرق هنا بين شعب سني أو شيعي أو مسيحي أو بوذي أو غيره ، فالحرية والديمقراطية من حق الجميع.
يمكنك أن تعادي أو تعارض الحكومة الايرانية بسبب استبدادها ، وليس لكونها شيعية ، لكن لا يليق أن تتجاهل ثورة شعب البحرين لأن إيران تدعمها ، أو لأن الشيعة لا يستحقون الديمقراطية.
وتجاهل الدكتور محمد مرسي رئيس مصر لثورة البحرين ، لا تفسير له حتى الآن ، سوى أنه جاء على خلفية عداء للديمقراطية ، او عداء للشيعة ، وكلاهما مرفوض.
موقف الدكتور محمد مرسي خطأ ، وأن يمتد منطقه في قبول أو رفض الديمقراطية تبعا لمن يطالب بها ، له عواقب ونتائج وخيمة ، تبدأ من قبول إستثناءات في الديمقراطية ، قد تطال الفريق الذي ينتمي إليه وهو الاخوان المسلمين ، وقد تصل لوصم الاخوان المسلمين بالطائفية البغيضة والانحياز لأقلية باغية لأنها سنية ، ورفض مطالب عادلة لأغلبية لأنها شيعية.
بالطبع هناك تفسير أخر لدي ، وإن كان لا يقل سواء عن سابقه ، وهو الابتعاد عما يغضب حكومة البحرين أو السعودية مخافة أن يتم التضييق على العمالة المصرية هناك!
ولكن يرد عليه ، بأن مصر دعمت ثورة الشعب الليبي ضد القذافي ، رغم ان لدي ليبيا من العمالة المصرية ما قد يتساوى مع عددعم في السعودية والبحرين مجتمعين .
كإنسان ، كمواطن مصري ، كداعم للديمقراطية ،لا أعتبر تجاهل الدكتور محمد مرسي المتعمد لثورة البحرين يتم بإسمي.
كإنسان ، كمواطن مصري ، كداعم للديمقراطية ، ارفض تمام أن تستثني الديمقراطية أحد أيا كانت الأسباب ، لاسيما ، إذا كانت أسباب طائفية.
جمال عيد
النص العربي للمقال المنشور على جريدة دايلي نيوز ايجيبت ، الاثنين 22أكتوبر 2012
http://dailynewsegypt.com/2012/10/21/gamal-eid-from-the-other-side/