يوميات علماني تحت حكم الاخوان

لم يؤمن بقدرة الشباب على تحدي السلطة وإفشال احتفالها يوم 25 يناير بجلادي الشعب من جهاز الشرطة في يوم عيدها سوى عدد بسيط من قيادات الاحزاب والقوى السياسية ، فيما كانت غالبية من خرجوا في هذا اليوم هم الشباب ، وبعض من  يدعمون مبادرتهم بالتظاهر حتى لو لم يكونوا مقتنعين بأن تظاهرهم سيكون مؤثرا.

ونجح إصرار الشباب  و مظاهرتهم، والتحقت بهم قوى الشعوب ، تأخر الأخوان في اللحاق بهم، لكنهم عوضوا خطأهم بمساهمة فعالة في دحر أخر هجوم لنظام مبارك في يوم موقعة الجمل.

تحول الاستقطاب الحاد اثناء استفتاء مارس 2011 إلى فاصل من التكفير لمن يدعو بالتصويت بـ لا ، كنت ضمنهم ، ولم أحمل هذا الخلاف والاستقطاب الحاد ،على أنه خلاف مصيري من الممكن أن يعوق مسيرة بناء مصر ، بل أنه مبالغة منطقية لشعب بدا يشعر بحريته بعد 60عاما من القهر والفساد والقمع ، ومن الطبيعي ان يشتط البعض في الخلاف والهجوم على الأراء المخالفة ، بل و بالغت انا أيضا وصورت الأمر لنفسي أنها بوادر الديمقراطية ، ولابد أن نقبل بالمبالغة ولو في البداية حتى تهدأ الامور ويوقن الناس أنها ليست أيام ويعود القمع ، بل أن حرية التعبير ستبقى ما بقي الناس متيقظين.

وجاء مجلس الشعب ، وحصل الاخوان والسلفيين على الاغلبية ،  تقبلت الأمر ، فالديمقراطية لا يجب أن تستثني أي فصيل سياسي ، وتوقعنا أن يبادر برلمان الاخوان في إثبات جدارته بالتعبير عن طموحات الشعب المصري ، ان يثبت ضحية نظام الأمس ، انه سلطة صالحة لغد مصر .

وكأنها حالة من الارتباك أصابته أو ضيق في الافق السياسي ، أو عدم قدرة على تمثيل المجتمع بكل طوائفه وخلفياته المختلفة .

لم ينجز برلمان الاخوان شيئا يذكر ، وانتهى عمره القصير دونما سن قانون يفيد الثورة أو يدعم مطالب الفقراء ، و كلما سألت شخص عما يتذكره لمجلس الشعب قبل حله بحكم قضائي أجاب : اتذكر قيام عضو برلماني برفع الاذان داخل المجلس ! أو يجيب اخر ، اتذكر  واقعة تحالف اغلب الاعضاء ضد العضو الشاب زياد العليمي حينما انتقد المشير طنطاوي ، وحماية نفس الاعضاء لعضو أخر حينما أهان الدكتور البرادعي بصورة فجة !!.

فقط هذا ما يتذكره اغلب من سألتهم عما يتذكروه للبرلمان .

وجاءت الانتخابات الرئاسية ، واقتصرت في نهايتها على مرشح اخواني ومرشح النظام السابق ، كانت بنظري نتيجة محزنة ولا تلبي كل طموحي ، فأنا اعلم  كحقوقي بالمخاطر التي قد تتهدد حرية التعبير وحقوق المرأة وحقوق الاقليات تحت حكم ديني ، وايضا اعلم الكارثة أن يعاد انتخاب أحد رموز النظام الديكتاتوري مرة أخرى!! فقررت الانحياز لخصم سياسي عن مساندة عدو مستبد.

كنت كلما فكرت في المقاطعة أو ابطال الصوت تذكرت أنني قبلت بمبدأ الانتخابات ، وأنها مستمرة ، وعليٌ أن اقبل بأقل الاضرار وهي انتخاب خصم سياسي خوفا من أن يضيق الفارق بينه وبين عدو مستبد ، بما قد يعيد نظام مبارك مرة أخرى، لنعود للمربع صفر ، او تحت  الصفر.

نجح الدكتور محمد مرسي ، وبعد حل البرلمان واقالة قيادة المجلس العسكري ،اصبح هو المتحكم في  السلطة ، كل السلطة.

لكنه ، لكنهم الاخوان المسلمون ، ورغم تمتعهم بالسلطة و ممارستهم لها ، يطالبون باستمرار التعامل معهم كضحية !! اذا انتقدت السلطة ، فانت تنتقد الاخوان المسلمين ، وهذا تفريق للصف !

اذا هاجمت قرار رئاسي فأنت عدو وفلول ونخبة فاشلة .

اذا تحدثت عن حرية التعبير ، اصبحوا جميعا فقهاء ومفسرين لحرية التعبير والانتقاد السياسي ، وكان أكثر الطلبات تهذيبا منك هو السكوت ، دونما حدود لسقف هذا الرد!

ولأن أسوأ الثوار هم من يأتون عقب الثورة ، فقد شاع تعبير “كنت فين ايام مبارك؟” أو “لماذا لم نسمع لك صوتا ايام مبارك؟” !!

باتوا كلهم مجاهدون ومناضلون وعداهم متربصين و داعين لسقوط الدولة.

هم السلطة ، وهم الاولى بتحمل النقد وتقديم القدوة في احترام حق النقد ، مهما كانت حدة النقد ، حتى لو سقط الاخرين في شرك التربص ،، لكنهم يرفضون!

هم السلطة ، ومعارضيهم كثيرون ، فهل يعون ذلك ويكفون عن الغرور والتحفز ؟!

الكرة بملعبهم ، بملعب الاخوان المسلمين.

جمال عيد

ترجمة لعمود : الجانب الأخر المنشور بجريدة دايلي نيوز ايجيبت

في 15أكتوبر 2012

http://dailynewsegypt.com/2012/10/14/from-the-other-side-a-secular-diary-under-the-muslim-brotherhood-2/

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *