المزيفون*
هؤلاء يعيشون بيننا ، ليسوا اغرابا عنا ، بل ستجدهم ضمن اصدقائك واقربائك ومعارفك وبين دوائر الاصدقاء الافتراضيين على الانترنت.
في غمرة انشغالك بهمومك الخاصة والعامة ، التي قد تمنعك من التركيز او التمعن فيما يكتبونه أو يطرحونه من أفكار، ستمر أفكارهم ورؤاهم ومواقفهم وتتغلغل في عقول البعض ، وتصبح مواقفهم تلك المزيفة وأقوالهم كانها شيئ بديهي ومفهوم ، ليصبغوا ما حولهم بالزيف والافك.
(1)
ستجد في تعريفه لنفسه ” البايو أو البروفايل” المختصر ، جملة” لا أنتمي لأي حزب اوجماعة سياسية” لكنك ستجده يطرح مواقف ويتحدث عن المبادئ السياسية والقضايا الاقليمية والثورة، والاستقرار والديمقراطية!!
هذا التنصل والتطهر من السياسة والاحزاب ، وكانها رجس او خطيئة ، يمنحه ” إن بحسن نيه أو بجهل أو عن عمد” فسحة ومساحة من التطهر ، رغم ان ما يطرحه ببعض التحليل سيصب في خندق أو اتجاه فكري ، لكنه وتبعا لاسبابه ، يحمل معول هدم السياسة والاحزاب ويدعم من يحاول شيطنتها، شيطنة السياسة التي يكتب فيها هو نفسه ! السياسة ليست رجس أو خطأ ، السياسة هي مواقف واراء نتخذها ونطرحها بغية نقل المجتمع خطوة او خطوات للامام ، على الاقل من وجهة نظر طارح الموقف او الفكرة.
لكن أن تبادر برفض السياسة والاحزاب والمجموعات السياسية ، ثم تتكلم في السياسة وتنقد المواقف السياسية ، فأنت الشخص مزيف ، عن قصد أو جهل .
(2)
– هذا الذي يسخر من تداول بعض المهمومين بالسياسة والديمقراطية أو أيا كان ما يعتقدونه ، لنصائح يقدمها لشعب اخر ، سواء عن خبرته أو خبرة ثورته ، وسواء كانت نقل خبرة تسهم في تطوير نضال وكفاح الشعوب الاخرى ، او تحذيرهم من خطأ وقع فيه .
نقل الخبرة بين الشعوب واجب وفرض عين على كل مهموم بحريات الشعوب ، وخبرات الشعوب لبعضها ونقل تجارب نضالها ، في اي صورة ، هو ما يسهم في تطوير نضال كل شعب ويخطو به للامام ، بدءا من خبرة الكومونة الفرنسية ، لخبرة الثورات الاوربية في بداية القرن العشرين ، لخبرة وتجارب الشعوب المختلفة في مرحلة التحرر الوطني ، وصولا لخبرة الثورات العربية ، تعثرت اغلب هذه الثورات ؟ نعم لكن لان الثورات المضادة والقوى المعادية للديمقراطية كانت تساند بعضها وتنقل خبرات بعضها ولانها مزودة بالمال والنفط والسلاح والهيمنة على الثقافة السائدة ، كان يجب علي كل من يحمل خبرة نقلها كاملة وقدر الامكان لباقي الشعوب.
السخرية والتهكم من ناشر الخبرة أو التجربة ، سواء كان محض هري على الانترنت ، او عن جهل ، هو زيف وبهتان ، الساخر من نقل خبرات وتجارب ونصائح النضال الشعبي لشعب غيره ، مزور ومزيف.
(3)
– مناخ من الخوف والحذر يسيطر على الكثير من الناس والاصوات ، ولاسيما على شبكات التواصل الاجتماعي “فيس بوك وتويتر” هذا امر مفهوم ، ان تكون حذر وحريص ، هو امر منطقي ، حين تحشد الدولة العسس والبصاصين والمراقبين لكل كلمة وموقف ونقد ورأي يخالف ما تطرحه من هراء.
نعم أمر مفهوم ، ومن ثم ان تكتب للاصدقاء فقط ، او تكتب عن الفن والرياضة والامور المشابهة بشكل بابليك ، فلا حرج عليك ولا يستطيع احد الادعاء ان العنترية والمغامرة أو المخاطرة شرط للنضال، السجن ليس امر طيب.
لكن
حين يلح عليك الكتابة في السياسة بشكل بابليك ، وتكتب ناقدا أو شاتما أو مهاجما ، شخص معارض أو منتمي لخندق الديمقراطية ، لكنه اخطأ في موقف ، ثم تعود للكتابة للاصدقاء فقط !
يعني تشتم أو تهاجم أو تنقد شخص حاول واجتهد واخطأ ، في ميدان ،، وبعدين تنقد النظام بشكل حنون في حارة أو زقاق ،، فأنت شخص مزيف ورخيص.
————————————
*تستطيع ان تضفي الزيف على الأشخاص باعتبارهم “مزيفون ، بضم الفاء” وكذلك على الافعال التي يأتيها هؤلاء الاشخاص باعتبارها افعال ومواقف مزيفة.
جمال عيد