المحكمة الجنائية الدولية .. والمجرمين العرب
صيف عام ألفين . وأثناء حضوري اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية بمقر الامم المتحدة بنيويوك
كنت مندهش و مستاء من موقف الوفود الرسمية العربية من رفض التوقيع او التصديق على مشروع النظام الاساسي للمحكمة ..
” 1998 في روما وافقت 121 دولة على المشروع وامتنعت 21 دولة عن التصويت ورفضته 7 دول هي : اسرائيل وامريكا والصين وقطر واليمن وليبيا والعراق “
المحكمة تهدف بالاساس الى محاكمة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجريمة الابادة الجماعية .. وهي قد تطال رئيس دولة ” مثل صدام حسين أو عيدي امين أو منجستو هيلامريام و حسين حبري وصولا الى أي مخبر حقير قد تورط في أي جريمة تدخل ضمن نطاق الموضوعات الثلاثة . امريكا .. التي يتورط جيشها وقادتها في نصف بلدان العالم .. تحارب المحكمة بكل الوسائل وتعقد اتفاقيات ثنائية لعدم تسليم المجرمين ..
بالطبع اسرائيل كذلك .. وعراق صدام …
دول اخرى يطلقون عليها الديمقراطيات الحديثة “جنوب افريقيا- الارجنتين – السنغال – اسبانيا .. ” تدفع بشدة مشروع المحكمة … وتحارب من اجل اخراجه من تحت سيطرة مجلس الامن الذي تلعب به امريكا .
== جامعة الدول العربية .. كانت ” ومازالت ” دار لاصحاب المعاشات .. ليس من موقف لها ..
دول مثل مصر كانت بالبداية من المؤيدين لمشروع المحكمة .. وتدفع به .. ولكن .. ودونما سبب “أو كما يدور بذهننا من اسباب” تراجع دورها .. واصبحت من الدول التي تعارض وإن لم يكن بشكل رسمي
==
التقيت احد المسئولين بالوفود العربية ” من المهمين ايضا” سألته لما تعارض الدول العربية “باستثناء الاردن ” مشروع المحكمة ؟ رغم انهم حتى لو كانوا مستبدين فلن تطالهم المحكمة ؟
اجاب – بل العديد من مواد التجريم قد تطالهم “من حقهم الخوف ” ولا تنسى الاخ الكبير ” امريكا” التي لمحت لهم بعدم التوقيع وإلا …!
بالطبع لم يتوانوا عن فهم الاشارة …
عارضوها ثم وقعوا قبل اغلاق باب التوقيع بايام .. مجرد توقيع وليس تصديق ! وانسحبت امريكا من المحكمة .. وعقد الاتفاقات المشار اليها .. مع اكثر من 35 دوله ضمنها ” مصر وتونس والبحرين .. وميكرونزيا وبضع دول تافهة تبدو كنقاط متناثرة على الخريطة .
==
تفكرت بحديث المسئول ووجدته مقنع ..” ليس عدم التوقيع ” ولكن ان يطال الزعماء قانون المحكمة ..
فمنهم ” دون ذكر اسماء ” من تفشى التعذيب على ايدي زبانيته من الجلادين .
ومنهم من اباد قرى وأحرقهم بالنابالم .
ومنهم من مارس التمييز ضد الاقليات الدينية بالاقليم الشرقي لدولته . وجز اعناق الفقراء
ومنهم من اوكل رئاسة مخابراته لسفاح بريطاني .
ومنهم من قطع ايدي الجائعين والفقراء .
ومنهم من امر بضرب الصحفيين والقضاة وأعتقل الالاف .
ومنهم من كون فرق ارهابية ومول عمليات حول العالم مستنزفا ثروة الشعب .
ومنهم من كون ميلبشيات عسكرية تمارس التصفية ضد الجماعات المعارضة له .
ومنهم من حرم مواطنيه من الجنسية وبات الالاف منهم بدون .
ومنهم من قام بعمليات تهجير ونقل سكان ليغيب الانتفاضة بدولته .
ومنهم ومنهم … يحكمنا مجرمين بالفعل ..
وإن كانت المحكمة كعدالة تمشي بعكازين .. فمن المؤكد .. انها خير من لا شئ .
وقد أصبحت الان واقعا حقيقيا ..
اكتمل نصاب الموقعين والمصدقين على المشروع بل زاد عن النصاب المطلوب .
تم انشاء نقابة للمحكمة .
اختير طاقم القضاة والرئيس
ابريل المقبل تباشر عملها .
يمكن لافراد او دول اومنظمات حقوقبة ان تتقدم للمحكمة .
لدينا سفاحون .. مثلما بالعديد من الدول .
امل اخر بين ايدينا لاقامة العدالة .
المصدر:الحوار المتمدن